روم، أرمن، شوام، أكابر البلد من التجار والقناصل، جاء الجميع للاحتفال. شرائط الزينة تتدلَّى من السقف، وأوركسترا تعزف ألحانًا غربية، ويدور الخدم بالكاسات الكريستالية المعبَّأة بالخمور. لوهلةٍ شَعَرَتْ بأنها تائهةٌ وسط كل هذا الحشد،
لا تعرف أحدًا ولا أحدَ يعرفها. كمن فقد هويته ويبحث عنها، فلم تعد هي زينب الفتاة المصرية البسيطة، بلون طمي النيل، ظلت واقفةً في منطقةٍ وسطى، تلك التي يصعب فيها الخطو للأمام أو للخلف، وتظلُّ تتوارد عليها الأسئلة.. من أنا؟ وماذا أريد؟ ومن جاء بي إلى هنا؟ وهل هذا هو مكاني حقًّا؟
على الرغم من أنها حصلت أخيرًا على المظهر الذي كانت تحلم به، واكتسبت الكثير من اللغة لتمنحها قدرة الخطو في هذا العالم الجديد المقبلة عليه، فإنها لم تشعر بالفرح أو بالزهو، بل كان هناك شيء ما مفقود، ربما هي نفسها قد فقدت روحها.
رشا عدلي؛ روائية مصرية، وباحثة في تاريخ الفن. لها تسعة أعمال روائية، وكتابان عن الفن التشكيلي، فضلًا عن كتاب «القاهرة.. المدينة الذكريات» عن فن الاستشراق. وصلت روايتاها «شغف» و«آخر أيام الباشا» إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر). حصلت الترجمة الإنجليزية لرواية «شغف» على جائزة بانيبال الدولية 2022، ووصلت للقائمة الطويلة لجائزة دبلن الدولية للأدب 2022، وحصلت روايتها «أنت تشرق أنت تضيء» على جائزة كتارا (أفضل عمل روائي) 2023. تهتم في رواياتها بالجمع بين الأدب والتاريخ والفن التشكيلي وتمزج بين هذه الأجناس التعبيرية في سياق أدبي مميز ومختلف.